من هو النبي المرسل؟ ومن هم الأنبياء؟ وما هي صفاتهم
النبي هو ذلك الإنسان الذي يُمنح ثقة من الله فتُوكل إليه النبوة، والنبوة هو منصب إلهي على الأرض يختار الله سبحانه من يصطفي من البشر لهذه المهمة فيكون هو الوسيط ما بين الله وبين عباده فيستلم من الله أوامره ونواهيه وارادته ويبلّغها للبشر لغرض هدايتهم للطريق الأسلم حيث تتحقق المصالح البشرية في الدنيا والآخرة على ضوء تعاليم الله المباركة، وللنبي المرسل صلاحيات يخولّها سبحانه له.
(ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا...). [سورة الحشر: الآية 7].
(لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة). [سورة الأحزاب: الآية 21].
وهكذا نعتقد أن الأنبياء كلهم معصومون أي منزهون عن الخطأ والمعاصي صغيرها وكبيرها لذلك أمرنا عز وجل أن نأخذ من الأنبياء ومن نبينا الأكرم (صلى الله عليه وآله) نهجنا في الحياة - دون شك أو ريب - فقد قال في محكم القرآن الكريم:
(وما ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحيٌ يوحى). [سورة النجم: الآيتان 4،3].
فأمرنا سبحانه باتباع النبي وهذا يعني أخذ أوامر الله ونهيه أي إطاعته لذلك ورد في الأثر (الراد على النبي كالراد على الله..) فلا يمكن أن يأمرنا سبحانه باتباع من يخطئ ويغفل ويعصي وما شابه هذه النقائص البشرية وإلا لدخلنا مدخلاً لا مخرج منه حيث تتزعزع الثقة بالنبي الذي قد يخرج عن الحدود الشرعية في أعماله ولقلنا بجواز المعصية عليه وهذا يناقض أمر الله باتباع الذي يعصيه فنطيعه في العصيان! - لا سمح الله - والحال إن الله أمرنا بإطاعته وإطاعة الرسول وأُولي الأمر بقوله:
(أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأُولي الأمر منكم). [سورة النساء: الآية 59].
وورد عن الإمام الصادق (عليه السلام): إن الله أدب نبيه (صلى الله عليه وآله) حتى إذا أقامه على ما أراد قال له: (وآمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين) فلما فعل ذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله) زكاه الله فقال: (إنك لعلى خلق عظيم) فلما زكاه فوّض إليه دينه فقال:
(وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا). [سورة الحشر: الآية 7].
وللإمام علي (عليه السلام) قول في هذا الصدد يقول فيه: (إن أطعتموني فإني حاملكم إن شاء الله على سبيل الجنة وإن كان ذا مشقة شديدة ومذاقة مريرة) (9).
وكما قلنا فالنبي إنسان له صفاته البشرية من الجسم مثلاً فهو يأكل ويشرب وينام وينكح ولذلك حينما تعجب القوم من النبي وقالوا كما ورد في القرآن الكريم:
(وقالوا ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق لولا انزل إليه ملك فيكون معه نذيراً). [سورة الفرقان: الآية 7].
وكانوا لا يتصورون النبي بهذا المعنى الإنساني فأثاروا ذلك باعتباره أمراً مستهجناً يقول الشيخ المفيد في (أوائل المقالات):
(إن رسل الله من البشر وأنبيائه والأئمة من خلفائه محدثون مصنوعون تلحقهم الآلام وتحدث لهم اللذات وتنمي أجسامهم بالأغذية وتنقص على مرور الزمان ويحل بهم الموت ويجوز عليهم الفناء..)(10).
ولهم صفات معنوية روحية يتميزون بها عن سائر البشر كالعصمة - وسيأتي الحديث عنها - والقدرة على الإدارة والتضحية التامة والشجاعة وتحمل المسؤولية في الخلافة على الأرض.
وأنبياء الله سبحانه منهم من كان من أُولي العزم الخمسة الذين تمتاز رسالتهم بعالميتها لزمانها وهم النبي نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد (عليهم الصلاة والسلام) ومنهم من كانت رسالته على نفسه أو أهله أو عشيرته أو بلدته فذكر قسم منهم مع قصصهم في القرآن الحكيم والأحاديث الشريفة والروايات كذلك ونحن نعتقد بهم جميعاً ونعترف بهم ونعتبرهم الممهدين للنبي الأكرم محمد (صلى الله عليه وآله) ومنهم المذكور في القرآن ومنهم ما ذكر في الحديث الشريف والذين ذكروا في القرآن خمسة وعشرون رسولاً...
قال الله العظيم: (آمن الرسول بما أُنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحدٍ من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير). [سورة البقرة: الآية 285].
فكانت رسالة نوح هي السائدة في عصرها حتى بعث الله النبي إبراهيم فصارت رسالته هي السائدة في زمانها إلى رسالة موسى فبقيت التوراة حتى رسالة عيسى وبقي الإنجيل رسالة عالمية لحين بعثة الرسول محمد (صلى الله عليه وآله).
(ما كان محمد أبا أحدٍ من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين). [سورة الأحزاب: الآية 40].
(اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً). [سورة المائدة: الآية 3].
وهنالك أنبياء ما كانوا من أُولي العزم أي لم تكن رسالتهم عالمية بل لمجتمعهم الخاص وأسرهم الخاصة - كما أسلفنا - فقد قال سبحانه:
(فاصبر كما صبر أُولو العزم من الرسل). [سورة الأحقاف: الآية 35].
وفي الرواية عن الإمام زين العابدين (عليه السلام) قال: (...منهم خمسة أُولو العزم من الرسل قلنا من هم؟ قال: نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد (صلى الله عليه وآله) قلنا له: ما معنى أُولو العزم قال: بعثوا إلى شرق الأرض وغربها جِنها وإنسها)(11).
وعن الإمام الرضا (عليه السلام): (إنما سُمي أُولو العزم أولي العزم لأنهم كانوا أصحاب العزائم والشرائح وذلك أن كل نبي كان بعد نوح (عليه السلام) كان يحمل على شريعته ومنهاجه وتابعاً لكتابه إلى زمن إبراهيم الخليل وكل نبي كان في أيام إبراهيم وبعده كان على شريعة إبراهيم ومنهاجه وتابعاً لكتابه إلى زمن موسى وكل نبي كان في زمن موسى وبعده كان على شريعة موسى ومنهاجه وتابعاً لكتابه إلى أيام عيسى وكل نبي كان في أيام عيسى وبعده كان على منهاج عيسى وشريعته وتابعاً لكتابه إلى زمن نبينا محمد (صلى الله عليه وآله) فهؤلاء الخمسة أُولو العزم وهم أفضل الأنبياء والرسل)(12).
ويقسَّم الأنبياء إلى خمسة أقسام من حيث طريقة الاتصال بين الله وبينهم فورد عن زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: الأنبياء على خمسة أنواع منهم من يسمع الصوت مثل صوت السلسلة فيعلم ما عُني به ومنهم من يُنبّأ في منامه مثل يوسف وإبراهيم ومنهم من يعاين ومنهم من ينكت في قلبه ويوقر في أذنه..).
وورد عن النبي (صلى الله عليه وآله) بصدد عدد الأنبياء قوله: (النبيون مئة وأربعة وعشرون ألف نبي والمرسلون ثلاثمائة وثلاثة عشر وآدم نبي مكلم)(13).
أما عن سائر صفات الأنبياء (عليهم السلام) يقول (صلى الله عليه وآله): (إنّا معاشر الأنبياء تنام أعيننا ولا تنام قلوبنا). ويصف الرسول محمد (صلى الله عليه وآله) حالة الأنبياء في مخاطبة الناس فيقول: (إنّا معاشر الأنبياء أُمرنا أن نكلّم الناس على قدر عقولهم).
وقد ورد في صفة الأنبياء (عليهم السلام) على لسان الإمام علي (عليه السلام) في خطبته رقم 192 في (نهج البلاغة) قوله: (... كانوا قوماً مستضعفين، قد اختبرهم الله بالمخمصة، وأبتلاهم بالمجهدة ،وامتحنهم بالمخاوف، ومخضهم بالمكاره... ولقد دخل موسى بن عمران ومعه أخوه هارون - (صلى الله عليهما) - على فرعون وعليهما مدارع الصوف وبأيديهما العصي... ولو أراد الله سبحانه لأنبيائه حيث بعثهم أن يفتح لهم كنوز الذهبان، ومعادن الجنان ،..لفعل... ولكن الله سبحانه جعل رسله أولي قوة في عزائمهم وضعفةً فيما ترى الأعين من حالاتهم، مع قناعة تملأ القلوب والعيون غنىً، وخصاصة تملأ الأبصار والأسماع أذى..).
ويقول الإمام الصادق (عليه السلام): (إن الله عز وجل لم يبعث رسله حيث بعثها ومعها ذهب ولا فضة ولكن بعثها بالكلام).
وعن قتادة: (ما بعث الله نبياً قط إلا بعثه حَسَنَ الوجهِ، حَسَن الصوتِ).
ومن أخلاق الأنبياء يقول الإمام الصادق (عليه السلام): (أربعة من أخلاق الأنبياء (عليهم السلام) البّر والسخاء، والصبر على النائبة، والقيام بحق المؤمن).
ويقول الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله): (من أخلاق النبيّين والصدّيقين البشاشة إذا تراؤوا، والمصافحة إذا تلاقوا).
هذا نزر من صفاتهم اقتصرنا على ذكر بعضها من الأحاديث والروايات